Archives de catégorie : مقالات

– سرطان في العائلة: الخوف من ألاعيب الوراثة

عزيزة سليمان _ منشور الخميس 15 أكتوبر ٢٠٢٠

سمعتهم يتهامسون عن آخر ضحايا العائلة: إنها عمتي الأصغر سنًا التي اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي في الأربعينات من عمرها. لا أتذكر عمري وقتها، لكني أتذكر هذا الصيف الذي ذهبوا فيه لزيارتها في المستشفى وتركوني أنا وإخوتي في البيت مع أطفالها. أعتقد ولست متأكدة أنها كانت الواقعة التي أدركت بسببها أني لا يجب أن أعلم شيئًا عن مرضٍ قد يكون هو مصيري.لم يتحدث أهلي معي عن السرطان الذي يربط العائلة ببعضها، لكننا أصبحنا في سن أكبر نتحدث عن الأمر باعتباره الواقع الذي من البديهي أن نعرفه جميعًا. لا أتذكر متى جاءت هذه القناعة، لكن الحال لم يكن دومًا هكذا.كنت أظن لفترة طويلة أن عمتي الأصغر هي الوحيدة التي أصيبت بسرطان الثدي لكني قررت خلال كتابتي هذا النص أن أسأل أمي لأول مرة. ترددت بسبب قلقها من هذا الموضوع الذي يمنعها من الكلام بأريحية. لكنها أجابتني أخيرًا وقالت إن لي عمة أخرى أصيبت بسرطان الثدي، وإن الثالثة أصيبت بسرطان الرحم. كانت هذه واحدة من محاولات خافتة للحديث المقتضب عن الموضوع مع أمي. عشت عمري مع افتراضات عن المرض العائلي ولم أجرؤ على التحقق منها قبل هذا اليوم.

فقط نحن نعلم أن بالعائلة سرطان

.مرضت جدتي من أبي بعدما عاشت حياة فقيرة: أصيبت بسرطان المبيضين. حكت أمي لي بشكل عابر في إحدى المرات كيف أن « حماتها » فقدت معظم وزنها في آواخر عمرها وأنهم اكتشفوا أنه بسبب السرطان في وقت متأخر للغاية، عندها قرر الطبيب أن يصف لها مسكنات تعينها على آلام ما قبل الموت المحتّم.صرت أعرف الآن أيضًا أن 4 من بنات أخيها، أي بنات خال أبي، أصبن بسرطان الثدي. قد يكون السرطان موروثًا من الجدة الأكبر أي جدة أبي، لكني لا أعلم ذلك على وجه اليقين.في منتصف عشريناتي شجعتني أمي أن أذهب لطبيب في معهد ناصر لأفحص نفسي. كان مهذبًا وطمأنني أني مازلت صغيرة وأنه لا شيء يدعو للقلق. لكني كنت مذعورة لدرجة أنه لم يتمكن من إتمام الفحص لأني كنت أرتجف. قد يكون تصوّر وقتها أني خائفة من الانكشاف عليه كفتاة صغيرة.الآن أعتقد أني وقتها كنت أخاف من اكتشاف أني مريضة بشرطان الثدي، طبعًا بجانب الخوف من اللمس والحديث مع طبيب أو طبيبة نساء كفتاة غير متزوجة. كنت أخاف من الأحكام ومن الكلام عن علاقتي بجسدي. مازلت أشعر برهبة في التعامل مع أي طبيب أو طبيبة نساء في مصر، رهبة مرتبطة بكوني الآن إمرأة ثلاثينية غير متزوجة لا أخضع تمامًا لتقاليد المجتمع والمسار المرسوم للمرأة التي تتزوج وتنجب وبالتالي يكون مُرحبًا بها داخل « المنظومة ».لي تجارب أخرى تعرضت من خلالها لعنف نفسي من مقدمي « الخدمة الطبية للنساء » رجالًا وسيدات. أصبحت أتجنبهم رغم حاجتي للمتابعة الدورية. نعم أعرف أن هذه مساحة تحمل تناقضات مردّها عنف المجتمع الذي يجعل قلقي من الذهاب إلى مقدم خدمة طبية للنساء قلق مركب: جسمي الذي أخافه وليس ملكي لكنه ملك للمجتمع، وحاجتي لتسكين الخوف من السرطان. لا أضطر فقط لمراعاة الجينات في حياتي لكن أيضًا أتحسب علاقتي بمنظومة أعرف أنها ليست آمنة.ولا تزال رحلة البحث عن « طبيبة آمنة » مستمرة.

شبح المصير

عندما اقترب عيد ميلادي الثلاثين بدأت أدرك أني أفكر في الأمر كثيرًا وأن الخوف يتمكّن مني في أوقاتٍ عديدة، لكني لست متأكدة الآن أن ذلك لم يكن دومًا صحيحًا. كنت أعتقد في بعض سنوات العشرينات أني لا أكترث وأتعامل على أنه ليس هناك ما يُقلق، فأنا أصغر من أن أصاب بسرطان الثدي. لكني أعتقد الآن أني طالما كنت أخاف من لحظة إكتشاف الإصابة، فقط لم أكن مستعدة لمواجهة الأسئلة.عندما بدأت عقدي الرابع شعرت أني لا أملك رفاهية الاستعداد الطويل، وأنه يجب علي بدء رحلة الكشف والمتابعة. لكنه شعور يحكمه الخوف، ليس فقط رهبة من السرطان، لكن أيضًا من كابوس أن أصبح مريضة سرطان في مصر.في الأسابيع اللاحقة لعيد ميلادي؛ بدأت ألاحظ أني أفتح موضوع إمكانية إصابتي بالسرطان في محادثات كثيرة أغلبها لا يتحمل هذا الثقل أو لا يتعلق به. لكنها الفكرة التي سيطرت عليّ. أصبحت أشعر أنه يجب أن أجد عملًا يمنحني تأمينًا صحيًا جيدًا وبشكل ملحّ، لأني لا أرغب في اكتشاف مرضي وليس لدي مكان للعلاج، أو أن أجد هذا المكان لكن لا أتمكن من تغطية التكاليف التي تقدر بمئات الآلاف.أنا لا أنتمي لأية نقابة مهنيّة على عكس عمتي التي أصيبت بسرطان الرحم وتحملت نقابتها تكاليف علاجها، وكذلك عماتي اللاتي أصبن بسرطان الثدي وقت عملهن كموظفات في الحكومة التي تحمّل تأمينها الصحي تكاليف العلاج، رغم ضعف إمكانات الخدمة التأمينية الحكومية. أما أنا، فلا أملك عضوية في نقابة أو تأمين صحي حكومي ضعيف كي ينفق على علاجي. وبسبب انهيار منظومة الدعم الاجتماعي وتدهور الخدمات الصحية العامة؛ أصبحت النقابات والجمعيات الأهلية رفاهية للأعضاء. هذه رفاهية لا أملكها. قد يكون هناك طرق ما لأمثالي مثل مبادرات المستشفيات التي تتيح العلاج بالمجان أو بأسعار مقبولة، لكني لم أتحقق. فقط أفكر في الموضوع بضغط الخوف، ولا آخذ خطوات لأعرف إمكانية ذلك من عدمه.

هل تلاحظين أيتها القارئة كيف تحولت الحكاية إلى كيفية التعامل والتأقلم عندما أكتشف إصابتي بالسرطان مستقبلًا؟

رغم أن الأمر ليس حتميًا، لكن القلق والخوف هو الحاكم. أتساءل الآن إن كانت رهبتي سببها تلك الحالة التي كبرت عليها وكان يمكن تجنبها إذا تحدث أهلي معي وشرحوا لي ماذا يحدث في العائلة؟ وما تعنيه هذه الإصابات المتوالية؟ وكيف أتعامل مع الأمر بدلًا من بذل هذا المجهود المضني للتعتيم على الحقيقة، وهو الأمر الذي لم ينجح، وفي النهاية عرفت سرّ العائلة. هذا وضع مرعب في كل الأحوال.

بنسبة 70%

يجب أن تكون هناك نقطة بداية ما. بداية للتحقق من الاختيارات المتاحة لي في مصر، اختيارات الكشف الدوري والعلاج إن اكتشفت المرض. فقررت أن أبدأ بالقراءة عن الأمر.وجدت أن الجين المشترك بين سرطان المبيضين الذي أصاب جدتي وسرطان الثدي الذي أصاب اثنتين من عماتي يدعى BCRA ولكنه ينقسم لنوعين BCRA1 و BCRA2. يمكن أن أورّث أيًا من تلك الجينات عبر أبي، وإن كنت ورثت هذا الجين ستكون فرصة إصابتي بسرطان الثدي حوالي 70%. طبعًا أنا لا أعرف إن كنت ورثت تلك الجينات أم لا.وجود تلك الجينات يزيد كذلك من فرص الإصابة بسرطان المبيضين أو أنواع أخرى من السرطان. توجد بالفعل تحاليل للكشف عن وجود جينات السرطان في الجسم لكن النتيجة تعالج القلق فقط إن جاءت سلبية، بمعنى أني أفلتّ من وراثة هذا الجين، لكن إن كنت حاملة للجين؛ فسوف أعيش حياتي كلها في ترقب لظهور السرطان في جسدي.ما آمله الآن هو أن أجد في روتين الفحص الدوري الذي أقوم به؛ قدرًا ما من التحكم يسكّن آلام الخوف الذي تربيت عليه. وقد يكسر البحث والفحص إحساس العجز من مصير أكون فيه مفعولًا به. نعم، لا يمكن الهرب من الجينات أو التحكم بها، لكن قد يكون بمقدوري التحايل على القلق أو علاجه.لم أكتف بالبحث، لكني قررت أن تكون كتابة هذا النص بداية التحايل على القلق ومواجهته: أرسلته لأمي، فوجدتها تشجعني على نشره وقالت إنها لم تحاول إخفاء المرض عني وإنما أخفت خوفها من المرض نفسه، وكأن تجنب الحديث عنه هو العلاج.عمومًا فلتكن إذًا هذه رحلة مشتركة نتخطاها بدعم متبادل.

المقال منشور فى موقع المنصة

https://manassa.news/stories/4671

رحلة حامد ومنحته: سرطان الثدى يصيب الرجال ايضا

منشور فى المنصة https://manassa.news/stories/4696

مجرد كيس دهني وهيروح بالمضاد الحيوي » كانت هذه فكرة محمود حامد اﻷولى عندما شعر بشيء ما بارز تحت الجلد في منطقة الثدي، فآخر ما كان في باله هو أن يصاب بسرطان الثدي. السطور التالية تنقل بإيجاز الرحلة الطويلة التي عاشها حامد، ولخصها للمنصَّة في مقابلة تخطت الساعة والنصف، روى خلالها ما تعرض له من هزائم وانكسارات بحسب وصفه، ونجاحات أيضًا عقب اكتشافه الإصابة بالمرض الخبيث.يبلغ حامد 42 سنة، أب لثلاثة أطفال، يعمل ضمن طاقم عمال الحفر بإحدى شركات البترول بالصحراء الغربية، منذ 3 أعوام شعر بوجود « كلكعة » بالجانب الأيسر من صدره، فتعامل معه على أنه كيس دهني سيزول باستخدام المضادات الحيوية التي استعان بها من الصيدلية، أو ربما لا يحتاج إلا لقسط من الراحة، بسبب طبيعة عمله، والتي تحتاج لمجهود كبير، ولكن بعد مرور أكثر من شهرين لم يتغير الأمر، فعرضت عليه زوجته زيارة الطبيب للاطمئنان لكنه كان يرى أن الأمر « تحت السيطرة »، بحسب وصفه.ألحت زوجة حامد عليه ﻷسبوعين أن يزور الطبيب، وبالفعل رضخ لطلبها وعرض نفسه على إخصائي أمراض جلدية، الذي طلب منه الذهاب لطبيب أورام، لأن ما يعاني منه ليس كيسًا دهنيًا كما كان يعتقد. وهنا تغيرت نبرة صوته وهو يروى تلك الفترة من تجربته، وزاغ ببصره بعيدًا، وأكمل « وقتها بدأت أصعب فترة في حياتي، اللي بدأت بزيارة الدكتور وطلبه للأشعة وتحليل عينة أكدت إن الكلكعة دي ورم خبيث، ومحتاج عملية، وكنت لأول مرة أعرف إن ممكن سرطان الثدي يجي للرجالة ».

ويعتبر سرطان الثدي بين الرجال أمرًا نادر الحدوث، وتشكل حالات الإصابة بهذا المرض لدى الرجال ما بين 0.5% و 1.0% من مجمل حالات سرطان الثدي في المملكة المتحدة، حيث تشخَّص 390 حالة إصابة بين الرجال سنويًا مقارنة بـ 54 ألف 800 حالة من النساء، بحسب مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة. وتنمو الخلايا السرطانية لدى الرجال في المساحة الضئيلة من نسيج الثدي الكامنة خلف الحلمة، وعادة ما يقع ذلك للرجال فوق الستين.

بعد فترة صمت استمرت لدقائق، عاد حامد ليروي مجددًا أنه لم يصدق الأمر في بدايته، فأجرى فحص العينة مرة أخرى، وجأت النتيحة ذاتها، أنه يعاني من ورم يحتاج لتدخل جراحي، وأكد له الطبيب أن سرطان الثدي يصيب الرجال أيضًًا ولكن بنسبة أقل من النساء، وطلب منه إجراء جراحة عاجلة حتى لا يتفاقم الأمر أو ينتشر الورم في باقي أنحاء الجسد.

طلعت بداية القصة »رفض للواقع، وغضب وأسئلة كثيرة دون إجابة »، ملخص ما عاشه حامد ليومين متتاليين، بجواره زوجته وطفليه، ينظر إليهم بخوف وحزن، خشية الجراحة واحتمالية فشلها، وكمد من إصابته بالمرض « الوحش »، لكن عبارات زوجته التي ظلت تطمئنه أن الأمر سيمر، وسيعود لها ولطفليه عقب إجراء الجراحة جعلته يسرع بتحديد موعد لإجرائها « مراتي شجعتني وقالت لي إن دي مش نهاية العالم وناس كتير جالهم المرض وخفوا، ويمكن ربنا شال عننا وعن العيال حاجة أوحش، وده شجعني إني أحدد ميعاد للعملية ».

بابتسامة ساخرة تابع « كنت فاكر إن العملية نهاية القصة، بس طلعت بدايتها »، ظن حامد أنه بإجراءه الجراحة وإزالة الغدد الليمفاوية سينتهي الأمر، لكن بعد خروجه من غرفة العمليات أخبره الطبيب أنه سيبدأ رحلة من العلاج ربما تستمر معه عامًا كاملًا، يتعرض خلالها لست جلسات كيماوي، و15 جلسة علاج إشعاعي، وربما يحتاج لإجازة من عمله لأنه لن يستطيع بذل المجهود مثلما كان في السابق، وعليه أن يحذر من التعرض لحرارة أو لهب أو صدمات بذراعه الأيسر القريب من مكان الجراحة.

انعزل حامد عن زوجته وطفليه في حجرته، رفض الجلوس معهم أو مع أحد من أفراد أسرته، وطلب إجازة مؤقته من عمله، ليستعد لجلسات العلاج « خدت أول 3 جلسات، ومن أول جلسة شعري وقع، والتلاتة دول اسمهم العلاج الأبيض اللي ألمهم بيكون أخف من التلاتة اللي بعدهم وبيسموهم العلاج الأحمر، ومعاهم وقعت حواجبي، وبدأت أحس إن أنا خلاص انتهيت، مش هعرف ألعب مع ولادي ولا هعرف أشتغل تاني ولا أمارس حياتي بشكل طبيعي، وبقيت أسأل ربنا ليه أنا يحصل لي كده واشمعني اختارني أنا للابتلاء ده ».

فترة صمت جديدة تخللت حديث حامد، وهو يستكمل تلك الفترة التي عاش بها انكسارات عدة وهو يمرر يده بين خصلات شعره الذي عاد للنمو مجددًا، وهو يروي محنة بدأت من سقوط شعره وحواجبه، وإحساسه بعدم قدرته على العمل مصدر دخله الوحيد، لكنه قرر بعد الجلسة الثالثة قطع الإجازة والعودة للعمل « مكنش قدامي حل غير إني أرجع الشغل وألبس كاب أداري بيه شعري اللي بيقع، علشان البيت يفضل مفتوح، وفكرت إنه لو كانت دي نهايتي يبقى أموت وأنا بشتغل وفاتح البيت »،

وبالفعل عاد لعمله مع مراعاة عدم بل مجهود بذراعه الأيسر، وتفادي الخبطات والحوادث وفقًا لتعليمات طبيبه الخاص.

الحديث عن الزوجة والأولاد احتل مساحة كبيرة من حديث حامد، الذي اتكأ للوراء في محاولة للبحث عن الراحة وهو يروي دور زوجته في الرحلة « مراتي قامت بدور كبير قوي، استحملت عصبية وزعل وتعب وبعد عنها، وفترات مكنتش بتكلم معاها فيها وبفكر إنه ممكن أسيبها علشان مبقاش عبء عليها، بس هي كانت بتستحمل كل ده وعارفه إنه غصب عني، كانت كمان بتسأل دكاترة من ورايا وتدور على الدكاترة الكويسين اللي ممكن نروحهم ونستشيرهم، وتدور على النت عن معلومات ونصايح وتجارب كمان لناس مروا بالأزمة دي ».

طفلا حامد كانا يبلغان من العمر 7 و10 سنوات بالمرحلة الابتدائية، قبل حلول مولودته الأخيرة، فمنذ فترة وقبل معرفته بإصابته خطَّط هو وزوجته لحَمل جديد، « قبل معرف إصابتي بالسرطان خططنا نخلف مرة كمان، بس فضلنا يمكن أكتر من 8 شهور من غير حمل، ومع معرفتي بالإصابة تخيلت إن الموضوع ده خلاص مش هيحصل وإن بقى موضوع صعب وخلاص ربنا رزقني بولدين وكفاية على كده ».منحة من ربنا

معاملة خاصة تلقاها حامد بعد عودته للعمل، لكنه شعر أن تلك المعاملة تصيبه بمزيد من الإحباط، فقرر في اليوم الثالث خلع « الكاب »، ومواجة الواقع، وطلب من زملائه ورؤسائه في العمل عدم تميزه في المعاملة، وتقييم عمله كما كان يتم في الماضي « شغلنا بيكون 3 أسابيع في الصحراء الغربية وأسبوع بنرجع القاهرة، فتقريبًا بنقضي وقت مع زمايلنا في الشغل أكتر من البيت، وبعد رجوعي الشغل سمعت قصص كتير من زمايلي عن ابتلاءات كتير لناس قريبة مننا زي فقد حبيب أو ابن أو حوادث بتسبب عجز دائم، حسيت إني في ابتلاء أقل منهم، وإن الحمد لله إن أنا اللي تعبت مش مراتي ولا حد من العيال، وقتها بدأت أحس إن يمكن دي تكون منحة من ربنا، ولازم أبص للجانب الإيجابي منها ». »المنحة » التي كان يبحث عنها حامد، وجدها مع أول إجازة من عمله واستعداده للجلسة الرابعة من جلسات الكيماوي، فأخبرته زوجته بحملها في طفلتهما الثالثة، التي وصفها بأنها « وش السعد » عليه، فبعد مولدها ترقى في عمله، وزاد راتبه أيضًا.

حملت زوجة حامد وهو يتلقى جلسات العلاج، فكان عليها دورًا كبيرًا في رعايته ورعاية الأطفال مع متاعب الحمل، وخاصة في الشهور الأولى، بالإضافة لعبء طفليها الذي تضاعف بعد فقد اﻷب قدرته على المشاركة في المسؤولية الكاملة « ولادي كانوا أطفال صغيرين صعب إننا نفهمهم الوضع وكمان حسوا بحاجة غريبة أنا مبقتش ألعب معاهم زي الأول، ودايمًا قاعد لوحدي طول منا في البيت، وهنا مراتي كانت بتحاول تقضي معاهم طول الوقت وتقول لهم إن أنا تعبان شوية بس بعد كده هرجع وألعب معاهم تاني، وبقت هي المسؤول الأول والأخيرة عن المدرسة والمذاكرة لأني من كتر التعب مكنتش بقدر أعمل أكتر من الجلسات والشغل، مش قادر أذاكر مع الولاد ولا ألعب معاهم ولا حتى أخرجهم، وهنا هي كانت أم وأب وكانت دايما بتقولي إنها هتقوم بالدورين لحد الأزمة دي ما تخلص ونرجع لأدوارنا الطبيعية تاني ».بعد عام من العلاج أنهى حامد جلسات الكيماوي والإشعاعي، وحلَّت مولودته الجديدة، وأجرى مسحًا ذريًا للتأكد من تمام شفائه، وطلب منه طبيبه الخاص متابعة دورية، مع نظام جديد من الطعام يعتمد على الفواكه والحضروات لمزيد من المناعة، تتابعه معه زوجته، فتمنعه من تناول الحلويات والأطعمة المقلية أو الوجبات الجاهزة، وفقًا لتعليمات الطبيب.

حياة جديدة

« إن حد يطلب مني أكل معين ده كان صعب عليا، وأنا حد بيحب اللخبطة في الأكل والحلويات، وبجانب ده الدكتور طلب مني أبطل تدخين بعد ما كنت بخلص علبة في اليوم، كل دي حاجات كانت صعبة أوي، بس متجيش حاجة جنب جلسات الكيماوي اللي بتدغدع عضم الفيل، وقتها كنت حاسس إن دي نهاية الحياة، بس الحقيقة إن دلوقتي أنا حاسس إن دي بداية لحياة جديدة، بقيت قيها أخف في الوزن والحركة مع نظام الأكل الجديد، وبتنفس كويس ومش بكح بعد ما وقفت تدخين، وعارف ألعب مع ولادي وأجري معاهم، وبنتي الصغيرة بقت كل حياتي ووش الخير عليا »،

يحكي حامد عن التغييرات اﻹيجابية التي خرج بها من رحلته. ابتسامة حقيقية ملأت وجهه لتخفي دموع ظهرت مع تذكره جلسات العلاج، وهو يصف طبيبه الخاص وقت إبلاغه نتيجة المسح الذري، مع تعليمات جديدة في الطعام والشراب عليه اتباعها، وكشف دوري، وإقلاع عن التدخين، وصفها بأنها وصفة جديدة للحياة التي بدأ ينظر إليها بعين جديدة بعد التجربة التي بدأت في 2017، لتلمع الدموع مجددًا في عينيه وهو يقول « ربنا ما يكتب على حد وجع جلسات الكيماوي اللي مهما وصفت فيها محدش ممكن يتخيل وجعها، والألم اللي بيكون في كل حتة في الجسم بعدها ».الحياة الجديدة التي تخلص فيها حامد من ضيف ثقيل بحسب وصفه لسرطان الثدي، يستقبل خلالها اليوم ضيفًا أقل وطأة، بعد اكتشاف إصابته بمرض السكري من الدرجة الأولى « في شهر 6 اللي فات ومع بداية الكورونا دُخت ووقعت ووقتها كنت في القاهرة، كلمت الدكتور بتاعي طلب مني مروحش أي مستشفى علشان مناعتي والكورونا، وقالي أعمل تحليل في البيت، ووقتها اكتشفنا إن عندي السكر، الحمد لله إنه من الدرجة الأولى، بس أي مرض مع شخص معندوش مناعة زينا لازم يتاخد بجد مش هزار، والحقيقة إن التجربة اللي فاتت رغم قسوتها، علمتني إن كل حاجة لازم آخدها جد أوي وأعمل اللي عليا فيها ».

أن تكوني أمًا مريضة بالسرطان في مصر

دينا عمر الفاروق ● أكتوبر 12 2020

بدأت رحلتي مع اكتشاف وعلاج سرطان الثدي في 2017 كان وقتها أولادي في سن العاشرة والسابعة. صعب تلخيص فترة زي دي من حياتنا، خاصة أن المصائب لا تأتي فرادى، زى ما بيقولوا، وإن كانت الخبرات اللي من النوع ده هي دروس في الحياة وليها معاني عميقة.

الأدوار المختلفة اللي الواحد بيختارها أو بتتفرض عليه، زي إن الإنسانة تكون إمراة وزوجة وأمًا عاملة وابنة وصديقة ومريضة بتتفلتر في الأوقات الصعبة دي وبيرجع الواحد للأصل. أنا وقت ما عييت كنت في عز تجربة مهنية جديدة: التدريس اللي كنت كرست له آخر أربع سنين وقت وطاقة ومجهود. فترة العلاج كانت هي الفترة اللي سمحت لي آخد الوقت إني أشوف نفسي أولًا وأتعلم دور الأم الحقيقي وأفتح قلبي لكل الحب اللي اتحاوطنا بيه.

بعد شهرين كاملين من إحساسي بوجود ورم في صدري، وده بيوّري قد إيه إحساسي بنفسي كان في الحضيض، عملت أول كشف طبي عند دكتورة نسا وتوليد، كتبت لي على ماموجرافي وأشعة على الصدر والبطن والحوض.

رحلات مكوكية بين عمل الأشعات واستلام التقارير، ثم زيارة الجراح وعمل عينة ثم تحليلها ثم استلام التقارير، ثم زيارة لجراح آخر، ثم أخذ عينة من الثدي الآخر ثم تحليلها. ومن جراح أورام ومناظير، لجراح أورام تخصص ثدي، لمركز أورام مشهور، لدكتور أورام، ومن مركز أشعات لمعامل تحاليل.. .

كلام كتير وساعات متناقض، بلغة طبيّة عصية على الفهم لغير المتخصصين، لغة مقتضبة وغامضة إن لم تكن لغة باردة أو قاسية في بعض الأحيان، ومنطق طبي في غاية العنف والمحدودية: « إحنا هانحجّمه بالكيماوي وبعدين نشيل كل الورم واللي حواليه، وبعدين إشعاعي في المنطقة المصابة جنب القلب، وبعدين هنوقف هرمون الإستروجين (لان نوع السرطان اللي عندى حساس للهرمون دا) بعلاج هرموني لمدة عشر سنين وكله هايبقى تمام إن شاء الله، بس برضه فيه نسب من المرضى بيرجع لهم السرطان تاني أو بينتشر في الجسم. وطبعًا فيه أعراض جانبية بس كله يهون في سبيل العلاج ».

اختراق الجسد الداخلي من المرض، والخارجي من العلاج، كان عنيفًا بشكل لا يصدّق وبيمثل امتداد لاختراق واستباحة الجسد والنفس اللي بنتعرض له في البلد اللي إحنا عايشين فيها. « العلاج » بره مش أقل عنفًا؛ بس في أوروبا والدول المتقدمة، على رأي أستاذ مدحت في فيلم الإرهاب والكباب، النظام الصحي قديم ومترسخ، وفيه نظم بتحدد حقوق المرضى ومبادرات كتير من المجتمع المدني لعمل مانيوال للمرضى والأسرة، وشرح مبسط لما هو السرطان وطرق العلاج والأعراض الجانبية وطرق التغلب عليها، والشق النفسي وكيفية التعامل مع الأطفال وجمعيات أهلية ومجموعات دعم نفسي.. إلخ.

وعلشان إحنا في مصر؛ فترة التشخيص ولغاية الوصول لقرار العلاج أو البروتوكول بتكون فترة صعبة: عدم التصديق، والاحساس بالخطر والخوف والغضب. وبالإضافة لكل ده كمان الواحد مش فاهم خالص هو داخل على إيه.. إيه هو السرطان ده أصلًا؟

لحظي السعيد ساعدتني صديقة طبيبة أورام تعمل بالخارج في إعدادي نفسيًا بشرح مدة ومراحل العلاج، وساعدتني صديقات طبيبات في شرح ما غمض من كلام الأطباء خلال مراحل العلاج المختلفة.

كانت من أولى النصائح اللي أعطتها لي الصديقة طبيبة الأورام هي: خدي الحاجات واحدة واحدة، ما تكربسيش المشاكل على بعض. نصيحة ساعدتني أقلل التوتر والخوف من المستقبل الغامض وأحصر طاقتي في تخطي كل مرحلة بشكل منفصل. النصيحة التانية واللي ما تقلش أهمية هي إننا، أنا وزوجي، لازم نتكلم مع الأولاد في إيه اللي بيحصل، ونجهزهم بالراحة على فهم إيه اللي إحنا هنواجهه مع بعض. قريت وقتها بعض النصائح الموجودة على الإنترنت واللي بتشرح إن الأطفال بيحسوا بكل حاجة بيمر بيها الأهل زي عدم الاتفاق والتوتر والخوف، زي ما بيحسوا بالحب والسعادة والأمان بين الأب والأم، وإنه لازم نتكلم معاهم ونشاركهم في حدود سنهم وقدرتهم على التحليل والفهم اللي بيحصل لإنهم لو مش فاهمين ممكن يتكوّن عندهم إحساس بالذنب والمسؤولية عن تعاسة الكبار وأحاسيس خوف ووحده، زينا بالظبط.

البحر
بعد تحديد البروتوكول المتفق عليه لحالتي وقبل بدء العلاج قررت آخد العيال وأطلع البحر 3 أيام. البعد عن المدينة والتوتر ومواعيد الدكاترة والقلق كان أهم حاجة عملتها لنفسي. بحر ولعب وصيد وغروب وتمشية كانوا كفيلين إنهم يرجعوني لنفسي ويدوني شوية هدوء وقوة لمواجة المرحلة اللي جاية، واحدة واحدة.

ميزة السرطان، لو نقدر نشوف أي حاجة بتحصل لنا فيها جوانب إيجابية، إن الواحد حس كأن عليه حكم نهائي احتمال يتنفذ، وإن أحسن حاجة يعملها إنه يلاقي الطريقة اللي يعيش بيها الوقت المتاح ليه بأفضل شكل ممكن زي إنه ينبسط مع عياله وأحبابه وأصحابه، وياخد الوقت الضروري لنفسه لما يحس إنه محتاج، ويحس بالامتنان لكل لحظة بيعيشها. يعني بالمختصر السرطان فكرني بالحياة.

ورجعنا من البحر.

واحدة واحدة اتكلمنا مع العيال. وطبعا كان الكلام عن الموت حاضر، وكان حاضر الخوف والقلق وعدم الفهم. بس الاختيار كان واضح. إحنا هانقول لهم الحقيقة: ده مرض صعب وعلاجه مش لطيف بس أنا مع دكاترة شاطرين والعلاج ده له نتايج مثبتة وأنا وبابا هنعمل كل حاجة علشان نبقى كويسين.

الرحلة
مع بداية رحلة العلاج، كنا بس بنرد على الأسئلة اللي عندهم، وبنحاول نبعت لهم رسائل مطمئنة، ودايما بناخد أحضان. كان كل الكلام ده متغلف بحب واحتضان وبشكل أساسي بعيد عن الدراما بفضل زوجي الجميل اللي بيقدر يحول لحظات صعبة إلى ضحكة وبسمة حقيقيين بيدفوا القلب.

الحب والرفق والمساندة والتكاتف والدعم اللي حاوطونا طول الوقت من أصحاب الروح والعائلة كانوا أكتر حاجة حسستنا كلنا بالأمان. وخبرة الأولاد في ظل رعاية العمة الجميلة والجدة، وخبرتهم في « إجازة » مع الأصحاب وقت العملية، وإحساسنا إننا مش لوحدنا وإن وجود أقرب الناس إلى قلبي حوالينا ومعانا في مراحل مختلفة؛ كل دا كان نعمة.

كنت من البداية قررت إني هانفذ بروتوكول « العلاج » بس هادور على كل وأي حاجة في الطرق غير التقليدية اللي ممكن تساعدني أتغلب على الأعراض الجانبية للعلاج والأهم اللي تخليني أحافظ على صحتي النفسية والجسدية والروحية. عملت رياضة مشي يوميًا وغيّرت عاداتي الغذائية : أكل متوازن ومايه كتير مع إلغاء السكر والألبان، وعملت جلسات طاقة وعلاج نفسي.

العلاج الكيماوي بدأ، وبدأت معاه الأعراض: وقوع الشعر والإرهاق والترجيع ونقص المناعة، ودي أعراض ما بتستخباش. عرّفتني من البداية صديقة عزيزة على مجموعة من تمارين الـ جين شين جيوتسو، الخاصة بمرضى السرطان، ودي ساعدتني أتغلب على الأعراض الجانبية للعلاج بشكل كبير بس الاهم كمان انها ساعدتنى أهضم كل اللى بيحصللى على المستوى النفسى والمشاعر. والتمارين دي كنت بأشرك فيها الأولاد وجوزي قبل أو بعد الجلسات. إحساس إني أقدر أساعد نفسي وإحساس أولادى إنهم بيساعدوني كان فوق الوصف.

البس قناع الأوكسجين
قلق أولادنا من اختفائنا من حياتهم موجود وهيفضل موجود، زي بالظبط قلقي إني أفقدهم. وعلشان سنهم الصغير وتوالي الكوارث الصحية فى العائلة، طلبت من هوميوباث* تساعدهم « يهضموا » شوية الصدمات اللي عاشوها في السن الصغير ده. بالإضافة لده بأستخدم معاهم نفس الأدوات اللي استخدمتها في علاجي لمشاعر الخوف والقلق والغضب والحزن والتواري عن نفسهم، وعلشان تديهم مناعة بشكل عام.

تعليمات الأمان عند ركوب الطائرة تذكرك بأهميتك وأولويتك في الحياة: البس الأول قناع الأوكسجين بتاعك قبل ما تساعد اللي جنبك، واتاكد إنك عارف تتنفس كويس الأول قبل ما تجري تنقذ حد تاني. وده كان من الدروس اللي اتعلمتها مع الوقت، إني لازم آخد بالي من نفسي الأول بدون ما يكون دا أنانية، ولما باعمل ده بأقدر آخد بالي من عيالي أحسن.

وعلشان كان صعب أو مستحيل ألاقي مصادر بالعربي قررت أعمل ورقة للتوزيع وثّقت فيها الحاجات اللي فهمتها من رحلتي وحاولت أعمل خريطة لعلاج السرطان فى مصر وطرق التغلب على الأعراض الجانبية للعلاجات. الورقة دي اتحولت لموقع اسمه السرطان في مصر كان مناسب أكتر إني أحط فيه معلومات ومصادر أكتر، لو تحبوا تزوروه: https://cancerinegypt.ovh

*هوميوباثي homeopathy: نوع من أنواع الطب البديل القائم على استخدام مستخلصات من الطبيعة بتعالج الجسم والروح. تقدري تتعرفي عنه أكتر في كتاب اسمه: شفاء المستحيل، Impossible cure, Amy Lansky

المقال منشور فى موقع المنصة

https://wwv.almanassa.run/ar/story/15236

أسئلة صعبة ودعم لازم للتعايش: يوم بيوم في « الرحلة »

يارا سلام ● أكتوبر 03 2020

أنا لسه باستوعب الخبر لحد النهاردة بعد أكتر من شهرين من معرفتي بيه. لسه باستوعب إن جالي سرطان الثدي. القبول حاجة حقيقي صعبة وقبول خبر مُقبِض كدة أصعب. بتتكرر في مخي جملة « تاني؟ تاني حاجة بتهدد جوهر حياتك؟ »، السرطان بقى محطوط جنب السجن كتجربتين، على اختلافهم، اتحطيت فيهم والاتنين فيهم تهديد للحياة، بس المرة دي أنا في وسط أهلي وأصحابي وفي بيتي وقادرة أستدعي كل آليات الدعم المتاحة ليا، وقادرة آخد قرارات بخصوص مرضي وحياتي.

المرة الأولانية قضيت في سجن القناطر 15 شهر بسبب المشاركة في مظاهرة سلمية، قضيت بعدها أكتر من ضعف المدة دي للتعافي من التجربة، دلوقتي وأنا لسه في بداية رحلة التعافي من المرض ومنعه من الرجوع بافكر في قد إيه فارق إني عارفة أكتب عنها وهي بتحصل، حاجة ماكنش عندي فرصة أعملها وأنا في السجن، إلا من خلال الجوابات اللي كانت بتتقري من ضابط المباحث قبل ما تطلع.

واضح إن كلمة « الرحلة » هي اللي بيستخدمها مرضى السرطان لوصف تجربتهم مع المرض. سمعت واحدة بتستخدم الكلمة دي، وأنا مستنية دوري في المسح الذري قابلت ست لطيفة قالت لي « ما تقلقيش الرحلة هتعدي بسرعة »، وادتني رقم تليفونها وقالت لي أكلمها في أي وقت لو محتاجة. صديق عرفني على أخت صديق له مرت بتجربة سرطان الثدي وكتبنا لبعض رسايل قبل ما نتكلم مرة مكالمة طويلة، رحلتها بدت لي أصعب من « رحلتي ».

أنا اتأثرت جدًا بكل الستات اللي عرضوا يساعدوني ويتكلموا معايا على الرغم من عدم وجود سابق معرفة بيننا، الرابط الوحيد هو إن كلنا جالنا سرطان في الثدي؛ أكنِّ فيه رابط اتخلق في لحظتها. كلامي وقتها معاهم خضني. فيه أصدقاء عرضوا إني أتكلم مع ستات يعرفوهم سواء أصدقاء أو ناس من العيلة ووقتها حسيت إني مكتفية من الكلام الثنائي؛ أنا عايزة أقعد في مجموعة مع ستات مروا أو بيمروا بنفس التجربة، ساعات أسمع، وساعات أتكلم، وساعات أبقى تعبانة وساعات أبقى كويسة، ونبقى كلنا في مساحة واحدة تجمعنا. وعايزة إن ده يبقى جزء من خطة العلاج المُقترحة على المرضى، زي ما بدأ بعض دكاترة الأورام يتكلموا عن التغذية كجزء مهم يتاخد في الاعتبار.

مهم إن المرضى يرتاحوا نفسيًا للدكاترة ولخطة العلاج وإنهم يكونوا موافقين فعليًا عليها.

بداية « رحلتي » كانت سيئة لأني لما عرفت إن عندي سرطان ثدي كنت باتعامل مع دكتورة غير مهنية وغير مهتمة بالجانب الإنساني، لكن تجربتي اتحسنت بمجرد ما اتعاملت مع أطباء مريحين وبيتعاملوا معايا بإنسانية، وناقشوا معايا خطة العلاج وأقنعوني بيها، حتى لو كنت مش مرتاحة للجزء الخاص بالوقاية بعد العملية بس كان مهم إني أبقى واثقة في الدكتور اللي حاطط خطة العلاج وأوافق عليها.

عادة الناس بتتعامل مع الدكاترة بشيء ما من الرهبة وعدم القدرة على مناقشة العلاج المقترح، لكن مهم إن المرضى يرتاحوا نفسيًا للدكاترة ولخطة العلاج وإنهم يكونوا موافقين فعليًا عليها. فيه غموض شديد في المسائل المتعلقة بأجسامنا، معظمنا معندوش وعي صحي وكتير من الناس بتخاف من الأمراض وبتفضل ما تعملش فحوصات للاطمئنان على صحتها من الخوف من احتمالية اكتشاف مرض صعب. وبيزود الغموض ده كون الأطباء بيدرسوا سنين طويلة وبيتخرجوا بكم من المعرفة صعب كل حد فينا يكوّنها حتى ولو اهتم بصحته وبجسمه. وبالتالي لما ييجي يوم نلجأ فيه لدكتورة أو دكتور بخصوص مرض صعب زي السرطان بيبقى الخوف مالي الواحد من التفاصيل العلمية المعقدة ويقابله اليقين اللي الدكتورة أو الدكتور بيبقوا فيه -واصل لحد السلطة المطلقة على أجسامنا ومعرفتهم بإيه « أفضل » لينا وليها.

يوم بيوم
مش بإيدي حاجة غير إني أتعامل كل يوم زي ما ييجي، ده أول درس أتعلمه في قبول المرض والتعامل مع مراحل علاجه وحالاتي النفسية المختلفة، يوم كويسة ويوم لأ، يوم قادرة ويوم لأ. المرض كمان خلاني أعيد ترتيب أولوياتي في الحياة، أنا عارفة إن كمان كام سنة هبص على الفترة دي وأقول إنها كانت تحول كبير في حياتي، حسمت أمور رمادية في علاقات وصداقات، واتعرفت على نفسي أكتر. مرضي خلاني عايزة أغير حياتي بشكل كبير. يمكن علشان أنا مؤمنة إن الأمراض الجسدية مش بتيجي من فراغ، بتيجي من تراكمات تعب نفسي وإنهاك جسدي، وبتيجي علشان تعلمنا حاجة عن نفسنا وعن أجسامنا، وبتيجي علشان تفكرنا بهشاشتنا في الحياة.

بس خلال الفترة اللي فاتت سمعت عن ستات كانوا تاني يوم من جلسة العلاج الكيماوي بيروحوا الشغل، وحتى بيشتغلوا وهما بياخدوا العلاج، ستات رفضوا إن مرضهم يغير أي حاجة في حياتهم، مش عارفة لو ده علشان ما يحسوش بالهزيمة قدام المرض أو علشان ما يحسوش إنهم عيانين؟ أنا حاسة بالهزيمة وحاسة إني عيانة بس حاسة إن جسمي بيعلمني درس وأنا باحاول أسمع له، وباحاول أتعافى من المرض بأكبر قدر من القرارات الواعية اللي أقدر آخدها لمساعدة جسمي ونفسي على التعافي والقبول. وعلى الرغم من إن إحساسي بالفزع من الورم راح لما اتشال بالعملية وحسيت بشكل ملموس إن ماعدش في جسمي ورم سرطاني، إلا إن دلوقتي خلال فترة العلاج لسه حاسة بوجود طيفه مخليني واعية لأولوياتي وقراراتي.

باتعلم أطلب المساعدة
أنا لسه باتعلم أطلب المساعدة وأقبل إن مش ضروري كل مرة أطلبها هينفع مع الشخص، والفترة اللي فاتت ده كان شيء مهم جدًا. كوني شخص متعود يعمل حاجته ومستقلة في معيشتي عن عيلتي، بدأت أعمل مشاوير الأشعة والتحاليل لوحدي على اعتبار إن مادام ماشية على رجلي يبقى مفيش داعي أزعج حد من عيلتي أو من أصدقائي، خصوصًا في توقيت زي فترة الكورونا؛ دخول مراكز أشعة وتحاليل مش أكتر حاجة أمان. لكن اكتشفت إن « المشي على الرجلين » ماينفيش أهمية الدعم العاطفي.

كل مرة حد كان يقول لي حاجة إيجابية كان أكنِّه بياخد مني حقي في إني أكون غضبانة من الدنيا وحاسة بالظلم من الموقف اللي لقيت نفسي فيه.

كان مفيد بالنسبة لي إني أفكر في دواير الدعم وفقًا لكل حد يقدر يعمل إيه بشكل منطقي. من ساعة ما بابا جاله سرطان السنة اللي فاتت وأنا بافكر دايمًا إن العلاج بياخد وقت وتقسيم المشاوير دايمًا استراتيجية أذكى لعدم استنفاد طاقة الجميع. اتعلمت إني ما أروحش أعمل أشعة لوحدي تاني أو أروح مشوار لدكتورة أو دكتور لوحدي، لأن حتى لو قادرة جسديًا، كل المشاوير دي كانت تقيلة عاطفيًا عليا حتى بعد العملية ما خلصت وتم استئصال الورم. قررت من البداية أطلب من ماما تاخد بالها مني بعد العملية وبعد جلسات العلاج الكيماوي وما تجيش معايا مشاوير كتيرة علشان كورونا وهي ضمن فئة عليها خطورة، أما في المشاوير فدايمًا كنت بافكر في مين أقرب مكانيًا ليا وللمشوار وعنده مقدرة من ناحية الوقت والطاقة إنه يبقى معايا. خليت الدايرة دي صغيرة جدًا علشان ما أتشتتش في ترتيب لوجيستيات، وبالتالي كان دايمًا فيه حد معايا سواء من أهلي أو أصحابي القريبين اللي ظروفهم تسمح وفي نفس الوقت ما أستنزفتش طاقة اللي حواليا في مشوار مكمل على الأقل لحد آخر السنة.

كان مفيد برده إني أخدت وقتي في مشاركة خبر مرضي، وبشكل واعي اخترت مين يعرف إمتى. إبلاغ خبر بالثقل ده بيجي معاه احتياج لإدارة مشاعر الآخرين، حتى لو ده مش أحسن حاجة الواحدة تعملها بس أظن مفيش مفر من قدر ولو قليل من الاحتياج لطمئنة الناس اللي بتحبيهم. فيه أسئلة كتيرة بتيجي مع سرطان الثدي بخصوص العملية ولو هيتم استئصال الثدي ولا لأ والناس كانت بتبقى خايفة تسأل لو ده اللي هيحصل. بمجرد ما قبلت إن ردود أفعال الناس مختلفة وإن محدش نيته وحشة، عرفت أتعامل أحسن مع الأسئلة ورد الفعل، بس ده لا ينفي إن الموضوع بيبقى مُجهد أكتر كل ما عدد الناس اللي عرفوا بيزيد. كان مفيد إني أعرف مين يقدر يساعد إزاي وأنا أحدد أطلب إيه من مين.

بعد العملية وتحليل الورم طلعت في المرحلة التانية من سرطان الثدي، وده يعتبر في البدايات وبالتالي الوضع كان في الجانب الإيجابي. لكن لما كان حد بيقولي ده أو يتكلم عن الجانب « المشرق » أو « الإيجابي » كان الموضوع ده بيضايقني. الأخصائية النفسية اللي متابعة معايا قالت لي لازم أتعلم أقول للناس « بالرغم من إني متأكدة إن نيتك كويسة لكن واضح إنك ما تعرفش إحساس إن حد يكون عنده سرطان ». كل مرة حد كان يقول لي حاجة إيجابية كان أكنِّه بياخد مني حقي في إني أكون غضبانة من الدنيا وحاسة بالظلم من الموقف اللي لقيت نفسي فيه، أكني طول ما أنا ماشية في « رحلة » العلاج لازم أكون ممتنة بشكل مستمر لكوني « مش أسوأ حالة ». ده كان مصعب عليا التعامل مع المشاعر السيئة اللي كانت عندي، واللي ما هديتش إلا بعد العملية، بعد ما حسيت إن الورم اتشال فعليًا من جسمي.

جسمي غدر بيا
كنت باتكلم مع صديقة دكتورة أورام بحاول أفهم أنا حاسة بإيه، كلامها عرف يوصف بالضبط مشاعري. قالت لي إن مرضى السرطان بيحسوا إن جسمهم غدر بيهم، خصوصًا لما يبقى حد زيي بيعمل كل الفحوصات الدورية وواخد باله من التعليمات والنصايح الطبية. ده فعلا اللي حسيته. بقالي 15 سنة باعمل أشعة كل سنة وفجأة لقيت ورم كبير طلع في فترة قصيرة.

الأسئلة اللي تخص سرطان الثدي بالذات بتمس بشكل مباشر الأفكار الخاصة بالأنوثة والشكل الجسدي الأنثوي وقد إيه الأفكار دي تقليدية وفي قالب محدد.

طبعاً « الميزة » (لو أقدر أقول إن فيه ميزة لنوع سرطان عن نوع) هو إن سرطان الثدي ممكن الواحدة تحس بيه بالكشف الذاتي، بس احتمالات الجراحة المختلفة وطريقة العلاج بتاعته استدعت أسئلة عندي غريبة من نوع لو شلت صدري هحس بإيه كست؟ وهل عايزة أعمل إعادة بناء للثدي ولا أخليه زي ما هو؟ أشيل الثدي التاني كإجراء احترازي؟ هل رؤيتي لنفسي كست فيها جزء مرتبط بوجود ثديين؟ كلها أسئلة غريبة جدًا عليا أول مرة تيجي في بالي.

والعلاج الهرموني، حقنة هتوقف الدورة الشهرية لمدة سنتين (الدكتور قالها ببساطة جدًا) وحباية من 5-10 سنين. مش عارفة أحس بإيه تجاه انقطاع إجباري مؤقت للدورة الشهرية. أنا مش في فترة في حياتي عايزة أخلف فيها في السنتين الجايين، لكن إن فيه قرار طبي بقطع الدورة الشهرية خلاني أفكر في وظايف جسمي وحاسة إن احتمالات الجراحة وطريقة العلاج كانوا مساحات زقوني إني أفكر في نظرتي لنفسي كست وإيه منه مرتبط بالشكل الجسدي المعتاد والمتوقع من الستات، ودور فكرة الإنجاب -أو في الحالة دي المنع من الإنجاب- في تصوري لتكامل وظايف جسمي كست. فكرت وقتها في لو هاحتاج أشيل صدري غالبًا هسيبه من غير إعادة بناء، بس بعدين قابلت الجراح اللي عمل لي عملية إزالة الورم وشرح لي إنه ممكن يعمل إعادة بناء من نسيج الجسم من غير قطع الثدي كهيكل خارجي، وده كان اقتراح أحب اعمله لو اضطريت.

وشعري اللي بدأ يقع مع أول جلسة كيماوي بالرغم إن الدكتور قالي إنه « مش هيلحق يتأثر »؟ والصبغة اللي لسه باينة على جلدي من ساعة العملية؟ وشكل صدري الغريب بعد ما الورم اتشال؟ ممكن أحس إن من حقي أبقى غضبانة إن في أقل من 3 شهور حياتي اتشقلبت وجسمي علاقتي بيه بتتغير؟ ممكن دلوقتي بس ما أقولش « بس أنا محظوظة إن صدري ما اتشلش »؟ هعد كل الحاجات اللي حظي كويس فيها بعدين بس دلوقتي مش حاسة بده.

حاسة إن دي أسئلة محدش بيتكلم فيها بشكل علني – الأسئلة اللي تخص سرطان الثدي بالذات (يمكن سرطان الرحم وبالبروستاتا ليهم نفس التأثير النفسي؟) بتمس بشكل مباشر الأفكار الخاصة بالأنوثة والشكل الجسدي الأنثوي وقد إيه الأفكار دي تقليدية وفي قالب محدد. أنا ماكنتش مرتاحة مع فكرة إعادة بناء ثدي زي اللي كانوا موجودين في الصور في مقابلة الجراحة الأولى، كان أكنِّه حاجة متركبة ومش جزء من جسم الواحدة.

خطة علاج متعددة الأركان
مفيش لحظة حد من الدكاترة نصحني إني لازم أتابع مع حد متخصص في الصحة النفسية، ولا سألني لو باتابع. الجراح هو أكتر شخص اتكلم معايا عن أهمية حالتي النفسية لمقاومة المرض وأكد أكتر من مرة إني لازم أركز على إن الورم اتشال وإني خفيت، وإن كل الباقي حاجات لمنع رجوع السرطان مرة تانية وبالتالي ما أخليش مرحلة بعد العملية تأثر سلبيًا على حالتي النفسية علشان مناعتي ما تضعفش، والمناعة هي خط الدفاع الأول ضد السرطان. الحقيقة كنت مرتاحة جدًا إن الجراح، بالرغم من إن تقليديًا بيبقى تركيزه على استئصال المشكلة، أخد وقت ومجهود إنه يأكد عليا مسألة زي دي.

من زمان وأنا عارفة إن أهم حاجة في علاج أي نوع من أنواع السرطان هو الحالة النفسية الجيدة، بس الموضوع بالنسبة لي طلع أعقد بمراحل من ما أتصوره وله جوانب مختلفة. ليه مفيش مجموعات دعم خارج الإنترنت متكونة من مرضى في مراحل مختلفة شبه زمالة المدمنين المجهولين؟ سمعت من ناس مختلفة إن فيه مجموعات على فيسبوك، بس بما إني مقررة بشكل واعي ما أبقاش على الموقع ده وإني أقلل من تواجدي على الإنترنت فمش عارفة أشارك في المجموعات دي، لو كان فيه مجموعة من الناس بتتقابل فعليًا يمكن كنت أحب أحضر الاجتماعات، مش بالضرورة في أول خطوات العلاج بس يمكن دلوقتي وأنا باخد جلسات العلاج الكيماوي.

دكتور الأورام المُعالِج وجراح الأورام محدش فيهم قالي إن فيه مجموعات دعم، ليه بالرغم من أهمية الحالة النفسية لمرضى السرطان الدعم النفسي والمعنوي مش جزء من أجزاء العلاج زيه زي الجراحة والعلاج الدوائي والإشعاعي؟ يمكن فيه مجموعات موجودة ومفيش ليها دعاية كافية وبالتالي ماعرفتش عنها لسه. الشيء اللي حسيته كمان ناقص هو إن مفيش حاجة معمولة لأهل مرضى السرطان تقدر توفر دعم عاطفي ومساندة ليهم وهما بيرافقوا حد من عيلتهم عنده سرطان.

المسألة اللي بتطرحها خطة العلاج الشاملة اللي بحاول أطبقها هي مسألة الامتيازات. مش بس الامتيازات الخاصة بالمقدرة المالية، بس كمان الوصول للمعلومات المتاحة.

أنا الحقيقة من نفسي أول ما عرفت إن جالي سرطان بعت للأخصائية النفسية اللي كنت باتابع معاها زمان من بعد السجن. حسيت إني داخلة على فترة صعبة ومربكة ومش عارفة هتأثر عليا إزاي ففكرت إن مهم أتابع مع حد علشان أعرف أحافظ على قدر ما من التوازن النفسي وعدم الشعور بالتوهان وسط مشاعري وردود أفعالي على اللي بيحصل لي، وحاسة إن وجود مساحة للتنفيس عن غضبي وحزني برده ساعد إن الدايرة اللي بتدعمني من أهلي وأصحابي ما يبقاش عليهم عبء عاطفي كتير قوي. وغير كدة، اختياري إن يبقى فيه دعم نفسي مهني إداني إحساس بقدرتي على إدارة حياتي وإدارة الفترة دي بمسؤولية تجاه نفسي وإني مش سايبة نفسي ومشاعري يبقوا مفعولين بيهم طول الوقت: عملية ما ينفعش تفاديها، خطة علاج تقليدية متعارف عليها معنديش شجاعة رفضها تماما، ردود فعل جسمي على العلاج الكيماوي اللي ماكنش ينفع أتوقعها.

في إيدي حاجات قليلة قصاد مرضي اللي معنديش تحكم فيه بأي شكل من الأشكال، حاجة منهم هي إزاي أتعامل مع نفسي وأخلي الفترة دي فترة قبول وفهم لنفسي بكل حالاتها، وإزاي أحاول أتجنب رجوع السرطان مرة تانية، وإزاي أخلي المحطات التعيسة (زي أول جلسة كيمو، حلاقة شعري علشان بيقع، إلخ…) أقل تعاسة، أو يكون ليها معنى أو شكل يقلل من وطئتها.

قررت، غير المتابعة مع أخصائية نفسية، إني أتابع مع متخصصة في العلاج البديل (هوميوباثي) بتشتغل مع دكتور ألماني متخصص في الشغل مع مرضى السرطان، وده بالأساس كان علشان أعرف أتعامل مع الآثار الجانبية لخطة العلاج التقليدية (علاج كيماوي وإشعاعي وهرموني). فيه واحدة اتكلمت معاها كانت مريضة سرطان وبرده لجأت لنوع من أنواع العلاجات البديلة من الهند (أيورفيدا) بالإضافة إنها تابعت مع دكتورة متخصصة في علاج أعراض الأمراض بمكونات طبيعية (naturopathic doctor). فيه ناس عندها تفضيلات مختلفة في الجزء الخاص بالطب غير التقليدي وفيه طيف واسع من الاختيارات الممكنة.

الشيء الأخير، أو بالترتيب الزمني كان أول حاجة عملتها، هي تغيير نظام أكلي بشكل كامل. بمساعدة صديقات؛ قريت عن التأثير السلبي لأكل اللحوم ومنتجات الحيوانات على مرضى السرطان فقررت أوقف كل ده 18 يوم قبل العملية وحاسة إنه فرق في تقليل الالتهاب والانتفاخ اللي في جسمي، بالإضافة إلى توقيف السكر تمامًا (علشان دكتورة تغذية كانت قالت لبابا لما بدأ علاجه لسرطان الرئة إن الخلايا السرطانية بتتغذى على السكر) والاعتماد على البلح والفاكهة كمصدر طبيعي للسكر. بالإضافة لتوقيف كل الأكل المرتبط بأي كائنات حية (كل منتجات الألبان والبيض وكل أنواع اللحوم)، وتوقيف الأكل المقلي، كمان بدأت آكل حاجات مكتوب عنها إنها بتساعد على مكافحة السرطان زي الكركم (مع شوية فلفل ولبن لوز ونقطة زيت جوز هند وقرفة ويتسخنوا على النار). مسألة التغذية لعلاج الأمراض هي مسألة مش متعارف عليها بشكل عام، وشفت فيديو لدكتور أورام كان بيقول بشكل حاسم إن الأكل مالوش علاقة بعلاج السرطان، لكن القرايات اللي عملتها -اللي للأسف كلها بالإنجليزي- كانت بالنسبة لي مقنعة وبالتالي قررت أمشي على النظام الغذائي الجديد.

خلال الفترة اللي فاتت أدركت مدى أهمية وجود خطة علاج شاملة تتعامل معايا كشخص مش كجسم فيه ورم فقط. مهم بالنسبة لي أتعامل مع المرض بقبول نفسي، وأعرف أنا محتاجة آكل إيه علشان جسمي يكون أقوى في مقاومة المرض والتعامل مع الآثار الجانبية لخطة العلاج التقليدية.

المسألة اللي بتطرحها خطة العلاج الشاملة اللي بحاول أطبقها هي مسألة الامتيازات. مش بس الامتيازات الخاصة بالمقدرة المالية، بس كمان الوصول للمعلومات المتاحة عن خيارات العلاج البديلة والتكميلية لمرضى السرطان اللي معظم -إن ماكنش كل- مصادرها بالإنجليزي، والوصول لمقدمي خدمات الخيارات دي اللي عايشين في القاهرة، ده غير كوني مولودة وعايشة في بيئة اجتماعية بتقبل وبتشجع على اللجوء لمساعدة متخصصة في الدعم النفسي كأمر طبيعي.

العبء المالي للمرض والحيرة في اختيار الدكاترة الجراحين والمعالجين مسائل متداخلة، ومهم يبقى فيه منصة لتبادل المعلومات بخصوص الدكاترة وإمكانية الحصول على الخدمة الصحية بشكل مجاني من نفس الدكتور لو ما توفرش المقدرة المادية للعيادة الخاصة. بوابة التقييم المجتمعي للمستشفيات ممكن تكون منصة مفيدة إن الناس تبص على تقييم المستشفيات قبل ما تروح، ولو إن مفيهاش المعهد القومي للأورام في القاهرة.

كل ما حد كان يعرف إن جالي سرطان كان دايمًا فيه سؤال لو محتاجة فلوس أو إزاي هعرف أدبر تكاليف العلاج. الحمد لله إن من خلال شغلي عندي تأمين صحي قدر يغطي جزء من العملية والباقي الشغل تكفل بيه، لكن برده اكتشفت إن الجراح اللي عمل لي العملية بيعمل عمليات بالمجان في المستشفى المتخصصة في علاج سرطان الثدي التابعة للمعهد القومي للأورام، والدكتور المعالج، بالرغم إني ما اعرفش لو بيشتغل في المعهد ولا لأ، بس عرفت إن فيه دكاترة شاطرين في المعهد، منهم الدكتور المعالج لبابا. تكاليف العلاج الوقائي اللي بعد العملية (الكيماوي والإشعاعي) قدرت ألاقي مكان تابع لشركة التأمين الصحي اللي أنا تبعها والدكتور بتاعي بيتابع فيها.

للأسف شركة التأمين الصحي اللي أنا تابعة ليها (وأظن معظم شركات التأمين الصحي الخاصة) مش بتغطي المتابعة مع أخصائية نفسية أو مع أخصائيين في الطب البديل، وبالتالي حتى لو الشخص قدر يشيل تكاليف العلاج في الطب التقليدي، لو حد عايز يبقى عنده خطة علاج شاملة طرق مختلفة للتعافي هيفضل فيه عبء مادي.

فيه أسئلة كتير عن الستات اللي بتعدي بجراحات أعنف بتفقد فيها الثدي أو الاتنين، عندهم دخل بسيط وعايشين في قرى بعيدة عن القاهرة، إيه نوع الدعم اللي بيتقدم لهم وإزاي يقدروا والمجتمع اللي حواليهم يعدوا المرحلة دي بأقل الخسائر الجسدية والنفسية الممكنة؟ ليه المستشفى المتخصص في علاج أورام الثدي التابع للمعهد القومي للأورام مش معروف؟ هل فيه مجموعات دعم مكونة من مرضى السرطان وهما اللي بيديروها زي زمالة المدمنين المجهولين ومش معروفة؟ ليه دكاترة الأورام مش بيخلقوا أُطر تكميلية لخطة العلاج، زي ما بيبعتوا المرضى للجراحين برده يبقى فيه نظام إحالة لأخصائيات وأخصائيين نفسيين متخصصين في التعامل مع مرضى السرطان أو لمجموعات دعم عاملينها المرضى؟ كل دي أسئلة تستحق الإجابة من مقدمي الخدمات الصحية المرتبطة بالسرطان، وسرطان الثدي تحديدًا بما أن نسبة الإصابة بيه حسب إحصائية في 2019 تقدر بـ 35.1% من إجمالي الأورام التي بتصيب الستات.أنا لسه باستوعب الخبر لحد النهاردة بعد أكتر من شهرين من معرفتي بيه. لسه باستوعب إن جالي سرطان الثدي. القبول حاجة حقيقي صعبة وقبول خبر مُقبِض كدة أصعب. بتتكرر في مخي جم…

المقال منشور فى موقع المنصة

https://wwv.almanassa.run/ar/story/15203

تجربتي مع جراحين أورام الثدي

يارا سلام ● سبتمبر 2 2020 يوم ٢٧ يوليو رحت لدكتورة —- (جراحة أورام ثدي) في عيادتها الشخصية بعد أسبوعين من إجراء أشعة (عادية وتدخلية) على الثدي. رشحها ليا دكتور الباطنة اللي كنت باروح له لما لقى إن مطلوب إني أعمل رنين مغناطيسي وسحب عينة على ورم في الثدي شاكين فيه إنه سرطان، قالي هي أحسن اللي تقول لي مين وإزاي يتم سحب العينة. الحقيقة دكتورة —- كانت لطيفة جداً على التليفون وسريعة الاستجابة وتحملت مكالمات في توقيتات مش مناسبة، وصلتني بدكتور هي بتثق فيه لسحب العينة ولما طلع تحليل العينة إنه سرطان كان مكتوب إن المعمل بيرشح إني أعمل تحليل اسمه (immunophenotyping CK & LCA) على العينة، كلمتها وأنا هناك سألتها أطلب منهم يعملوه قالت لي لأ تعالي أشوفك الأول. ده كان قبل العيد ومش عارفة ليه ما قالتليش أطلب منهم وأنا قصادهم إنهم يعملوا التحليل، كان وفر عليا وقت لإن العيد أجازته كانت طويلة وزقت كل حاجة ١٠ أيام.
أنا كنت متفائلة بدكتورة —- علشان هي بتشتغل في مستشفى بتعالج سرطان الثدي وحسيت الصراحة بارتياح لإنها ست. مقابلتي مع دكتورة —- كانت أول مقابلة مع دكتورة أو دكتور بعد ما عرفت إن عندي سرطان، والحقيقة المقابلة دي كانت أكثر حاجة قاسية حصلت لي من ساعة ما بدأت رحلة اكتشاف الورم في يوم ١٤ يوليو لحد دلوقتي.
كنت نويت إني ادخل اشوف الدكتورة لوحدي بس نصحتني دكتورة صديقة إن في لحظات زي دي الواحد ممكن ينسى حاجات فأحسن يبقى فيه حد معايا، فغيرت رأيي في آخر لحظة. دخلت أوضة الدكتورة مع صديقة، الدكتورة كانت بشوشة وقعدنا واديتها كل الاشعة اللي كانت معايا ساعتها، بما فيها سونار شهر فبراير اللي كله كان تمام مش باين فيه أي حاجة مثيرة للشك. لما رحت لدكتورة —- كان معايا سونار من فبراير ويوليو، ماموجرام وأشعة رنين مغناطيسي ونتيجة التحليل المبدئي لسحب العينة من الورم – كلهم معمولين في الاسبوعين اللي قبل ما اقابلها. 
بصت للورق بقلق وقالت لي عايزة تكشف عليا. أول ما بدأت كشف قالت لي: « ياااه! انتي صدرك كله متحجر! »، وضحت لها إن لسه عندي الدورة الشهرية (بما إن ده بيغير ملمس محتوى الثدي مؤقتاً) فمعلقتش. خلصت وقالت لي البسي، وهي رايحة على مكتبها وأنا لسه بالبس قالت لي « أنا هحتاجك تعملي كيماوي قبل ما نعمل العملية علشان صدرك صغير والورم كبير ». أول ما قعدت قلتلها بس أنا مش عايزة أعمل كيماوي، بصت لي باستغراب شديد وقالت ليه، شرحت لها إني عندي ذكريات مش ظريفة من طفولتي من ستات في عيلتي أخدوا كيماوي. قالت لي إن الموضوع اختلف عن زمان. قالت لي « حجم الورم بالمقارنة لحجم صدرك مش هينفع معاه أشيل الورم بحواف أمان سليمة من غير ما أشيل الصدر كله، علشان كدة محتاجاكي تبدأي كيماوي الأول علشان الورم يصغر ونحتفظ بالصدر، لو كان صدرك أكبر كان يمكن ينفع ». سألتها مدة الكيماوي قد إيه اللي هي بتقترحها، قالت ٦ شهور بس لو بعد جلستين مفيش استجابة هنعمل العملية وهتضطر تستئصل الثدي كله. سألتها لو مش عايزة أخد كيماوي وقررت ادخل العملية على طول، قالت لي برده بعد العملية هاخد كيماوي. في اللحظة دي كان واضح جداً إني باعيط وماسكة نفسي بالعافية. الدكتورة —- بدأت تهزر وتقول لي « ده أنا لما دخلتي قلت إنك جامدة وشاطرة، انتي قصة شعرك قصير كدة ليه؟ »، وقررت توريني صورة لثدي تم استئصاله تماماً و إعادة بناءه شكله بشع للأسف وقالت لي إن لما تعمل لي العملية هيعجبني صدري الجديد أكتر من القديم (كنوع من أنواع الهزار (!))، وإن عملية اللوز بتوجع أكتر من العملية دي علشان البلع (برده كنوع من أنواع الهزار(!))، وقالت إني لما انزل من جلسة الكيماوي هبقى قادرة أخد قهوة مع أصحابي عادي (!).
صاحبتي سألتها لو فيه أي تحاليل لو عملتها ممكن تغير التشخيص ده أو خطة العلاج دي قالت لأ. قالت لي محتاجة أروح لدكتور أورام معالج علشان هي جراحة، فقلت إني ناوية أروح للدكتور اللي بيعالج بابا (دكتور محسن برسوم) فقالت تمام لو هو صديق العيلة، قلتلها لأ مش صديق العيلة بس إحنا دورنا وقت ما بابا عيي السنة اللي فاتت ولقينا إنه أحسن دكتور أورام. سكتت. وأنا ماشية طلبت مني أعمل التحليل اللي كان المعمل مرشح إني اعمله على العينة من غير ما تشرح نتيجة التحليل ده هتبين إيه، وقالت لي ابعت لها النتيجة لما تطلع « أنا خلاص الدكتورة بتاعتك وفي أي وقت لو عندك أي سؤال ابعتي لي. » نزلت منهارة نفسياً، بعتلها اسألها عن دكتور معالج ترشحه علشان خفت دكتور بابا يبقى مشغول وما ألاقيش ميعاد بعتت لي اسم دكتور. عمري ما كلمته وعمري ما رجعت لها. دكتورة —- ما اتكلمتش معايا خالص على فترة التعافي من العملية، ولا شرحت لي إن الكيماوي مش خيار العلاج الوحيد وإن فيه علاجات تانية. غير عدم الشرح وانعدام التعامل الإنساني والحساس مع مريضة سرطان في أول مقابلة ليها معاها، كل كلامها في الآخر طلع غلط من الناحية الطبية العلمية، زي ما هوضح تحت، الورم ماكنش هيستجيب للكيماوي، وتم إزالته مع الاحتفاظ بالثدي، وكمان في اللحظة اللي كنت عندها ماكنش أكيد إني هاخد كيماوي بعد العملية لإن ده بيوضح (زي ما عرفت بعدين) بعد تحليل الورم بعد استئصاله، ده غير الإسلوب الغير مريح والغير مناسب والغير مطمئن على الإطلاق اللي كان مش واصل لي منه غير إن فيه حد بيحاول يبقى الألفا اللي في الأوضة. بسبب تجربتي السيئة معاها أنا ما انصحش أي حد يروح لدكتورة —- ولا يعتمد عليها سواء في عيادتها الشخصية أو في مستشفى تانية، الجراح اللي عمل لي العملية واتعاملت معاه (دكتور أحمد فرحات) عنده عيادة خاصة وبيشتغل في المعهد القومي للأورام وبيعمل عمليات أورام الثدي في المستشفى التابعة للمعهد في التجمع الأول المتخصصة في علاج سرطان الثدي للغير قادرات على دفع تكاليف العملية والعلاج، وهو بيعمل عمليات يومين في الإسبوع هناك.
بمساعدة صديقة قدرت أجيب أول ميعاد بعد أجازة العيد الطويلة ورحت لدكتور عماد برسوم (ابن الدكتور اللي بيعالج بابا) وقال لي إني محتاجة أعمل ٤ تحاليل وأشعتين واروح اشوف جراح قبل ما نعرف لو محتاجة أخد كيماوي قبل العملية ولا هعمل العملية على طول، ورشح لى دكتور أحمد فرحات. دكتور عماد طلب مني سونار على المعدة والحوض وأشعة مقطعية على الصدر (الرئة مش الثدي) والتحاليل دي على العينة اللي اتسحبت: ER (مدى استجابة الورم للهرمونات) – PR (برده مدى استجابة الورم للهرمونات) – HER2 (مدى استجابة الورم للعلاج الجيني) – KI67 (معدل نمو الورم). 
قبل ما كنت ألاقي ميعاد مع دكتور عماد برسوم ويرشح لى دكتور أحمد فرحات كنت بدأت اسأل على جراحين تانيين ودكتورة أورام صديقة رشحت لي دكتور عمر يوسف زكريا (جراح أورام ثدي – بيعالج في المعهد القومي للأورام إلى جانب عيادته الشخصية)، ورحت شفته في نفس اليوم اللي شفت فيه دكتور عماد علشان يبقى سمعت من أكتر من حد، قالي إن وفقاً للآشعة المتاحة قدامه هيقدر يشيل الورم مع الاحتفاظ بالثدي، بس أكد إنه ما ينفعش يقول رأي نهائي قبل ما نتيجة التحاليل اللي طلبها دكتور عماد تطلع. دكتور عمر كان مريح ومطمئن بس قررت ما أكملش معاه (هشرح تحت).
رحت لدكتور أحمد فرحات (جراح أورام ثدي – بيعالج في المعهد القومي للأورام إلى جانب عيادته الشخصية) تاني يوم وقالي ما يقدرش يقول الجراحة الأول ولا الكيماوي إلا لما نتيجة التحاليل اللي طلبها دكتور عماد تطلع، وطلب مني كمان أعمل أشعة زيادة عن اللي طلبها دكتور عماد: مسح ذري. بعدها بيومين بالضبط كلمني وقال لي كل النتايج طلعت وطلع إن الورم بيستجيب للهرمونات (ER & PR positive) ومش بيستجيب للعلاج الجيني، وطلع معدل النمو أعلى من المتوسط المتوقع (طلع عندي ٢٨٪)، وفي الحالة دي (ER & PR positive) اتقال لي إن مفيش داعي للعلاج الكيماوي قبل العملية. بعدها لما رجعت لدكتور عماد قبل ما اعمل العملية قال لي إن النوع ده من الأورام مش بيستجيب قوي للعلاج الكيماوي وكدة أنا جاهزة للجراحة. هشرح تحت ليه أنا قررت أكمل مع دكتور أحمد فرحات. 
بعدها بيوم قابلت دكتور أحمد فرحات مرة تانية وشرح لي إن فيه ٣ سيناريوهات للجراحة ومش هينفع يقول لي أنهي فيهم اللي هيحصل من قبل العملية علشان كله يعتمد على هيفتح يلاقي إيه: 
١- الورم منفصل داخلياً عن الحلمة ونفع يتشال بحواف أمان سليمة خالية من الخلايا السرطانية: ده أفضل السيناريوهات وهنا هيقدر يحتفظ بالثدي زي ما هو بدون استئصال للمحتوى الداخلي.
٢- الورم لو ماسك داخلياً بالحلمة هيضطر يشيلها هي وجزء داخلي من الثدي مع الاحتفاظ بالهيكل الخارجي وإعادة بناء الثدي داخلياً عن طريق استخدام عضلة في الظهر.
٣- الورم منتشر في خلايا مختلفة ومفيش حواف أمان سليمة خالية من الخلايا السرطانية وبالتالي هيتم تفريغ الثدي داخلياً مع الاحتفاظ بالهيكل الخارجي وإعادة بناء الثدي داخلياً عن طريق استخدام عضلة في الظهر (وهنا الدكتور أحمد كان اقترح في الأول نحط حاجة شبيهة بالبالونة بيتم استبدالها بimplant بعدين زي اللي بيتحط للناس اللي بتعمل عمليات تكبير ثدي وأنا فضلت إن ما يبقاش فيه حاجة في جسمي من براه وطلبت إن في الحالة دي نستخدم عضلة الظهر زي السيناريو التاني في إعادة البناء وهو شرح لي سلبيات وإيجابيات كل اختيار منهم واتفقنا على اختياري إنه هيتعمل لو طلع الموضوع كدة).
في السيناريوهات التلاتة وقت العملية هيحصل استئصال لعدد من الغدد الليمفاوية تحت الباط للتأكد ١٠٠٪ إن السرطان ما وصلهاش، والتحليل بيحصل في وقت العملية، لإن حتى لو الآشعة كانت مبينة إن الغدد سليمة لازم وقت العملية يتأكد الجراح بتحليل في ساعتها. لو لقى السرطان وصل للغدد هيشيلها كلها، لو لقى العدد اللي أخده سليم هيقفل.
الحمد لله عملت العملية والسيناريو الأولاني هو اللي حصل، الورم طلع منفصل عن أي حاجة جوا الثدي ودكتور أحمد شاله بحواف أمان سليمة خالية من أي خلايا سرطانية، والغدد طلعت سليمة، وبالتالي ماكنش فيه داعي ولا لإزالة أجزاء داخلية من الثدي (ولا خارجية) ولا إعادة بناء.
بعد الجراحة فيه متابعة مع دكتور أحمد فرحات مرتين في الإسبوع علشان نتأكد من أن الجرح بيلتئم كويس ومفيش أي مشاكل، خلصتها وقال لي أنا كدة جاهزة ابدأ علاج مع دكتور عماد وشرح لي نظام المتابعة بعد العلاج.
أنا اخترت أكمل مع دكتور أحمد فرحات لسببين: السبب الأول لما رحت له أول مرة في عيادته أخد وقت في شرح كل السيناريوهات المختلفة في حالة كل نتيجة تحليل طلعت عاملة إزاي، شرح لي كل الآثار الجانبية ومدة التعافي، سمع مني كل أسئلتي، وساعدني حرفياً إني ألاقي ميعاد تاني يوم الصبح للمسح الذري وقالي إنه هيستعجل نتيجة التحاليل اللي طلبها دكتور عماد وطمني إن دكتور الباثولوجي اللي هيبقى في العملية هو ابن صاحب المعمل (معمل إليا اللي هو مفروض أحسن معمل تحاليل أورام). دكتور أحمد مش بس إداني كل المعلومات المتاحة علشان أنا كمريضة أعرف كل اختياراتي الكويس منها والوحش وابقى على وعي بكل الخطوات والاحتمالات، بس كمان ساعدني لوجيستياً إن الموضوع يمشي أسرع علشان ما نتأخرش في الوقت (شرح لي إن بيُفضل العملية تتعمل في خلال إسبوعين من سحب العينة من الورم علشان بيحصل التهاب في الورم نتيجة لإبرة السحب ومش بيعوزوا الالتهاب ده يعمل مشكلة). دكتور أحمد كمان كان على تواصل معايا لما كان عندي أسئلة برا ميعاد العيادة وردوده غاية في المهنية والذوق. ثانياً لإني باثق في دكتور عماد برسوم كنت واثقة في ترشيحه، وكنت عرفت قبل كدة إن دكتور العلاج والدكتور الجراح بيبقوا بيشتغلوا مع بعض. وطبعاً مهم جداً أقول إني كست مهم جداً لما راجل يكشف عليا ما أحسش ولو للحظة إنه مريب، ومن أول  كشف مع دكتور أحمد حسيت إنه إنسان متزن ومحترم ومفيش ولا مرة كشف عليا غير لما كانت الممرضة موجودة قبل ما هو يتحرك من على مكتبه، ده مع الأخذ في الاعتبار إن لما بنتكلم في وضعي الصحي بيبقى في خصوصية وفقط لما يبقى فيه احتياج للكشف أو تغيير على الجرح بيطلبها تبقى موجودة. بناء على تجربتي الممتازة مع دكتور أحمد فرحات بارشح أي حد محتاج جراح أورام ثدي (أو جراحة أورام عامة) تروح له (أو يروح له بما إني اكتشفت إن فيه احتمالات – ضئيلة جدا بس بتحصل – إنه يجي ورم في الثدي لرجالة) سواء في العيادة أو في معهد الأورام على حسب مقدرة كل حد. 
أما عن دكتور عماد برسوم وليه مارحتش لدكتور محسن برسوم (والده) بما إن هو اللي بيتابع علاج بابا وكنت قابلته قبل كدة وارتحت له جداً لما رحت مع بابا: أنا كنت عارفة إن هما الاتنين من أحسن دكاترة الأورام وأنا بشكل شخصي بافضل الدكاترة الأصغر سناً، لكن تجربة بابا مع دكتور محسن كويسة جداً والعيادة اللي فيها دكتور محسن ودكتور عماد الناس اللي فيها كلهم ناس مريحين ومطمئنين وبيحبوا يساعدوا. دكتور عماد من أول يوم طمني وبيشرح برده كل الخيارات المتاحة. برده نفس تعليقي على دكتور أحمد بخصوص الارتياح وقت الكشف ووجود ممرضة ينطبق على دكتور عماد، شخص محترم ومتزن وأرشحه لأي حد لعلاج الأورام عامة أو لو حد زي حالتي.
أنا طبعاً محظوظة بإن عندي دكتورة أورام صديقة عايشة برا مشكورة ماشية معايا خطوة بخطوة، هي كانت مستغربة جدا كلام دكتورة —- السابق لأوانه ومش مبني على تحاليل كانت ناقصة علشان تقدر تقول قرار بخصوص الجراحة. ونفس الصديقة كانت موافقة على كل القرارات والاختيارات اللي قال عليها دكتور عماد ودكتور أحمد، وده أكد لي إني ماشية في السكة الصح مع الدكاترة الصح وحبيت أشارك تجربتي من الفترة اللي فاتت علشان لو حد (بعد الشر) احتاجها.
أنا قررت مش هستنى مرحلة العلاج تخلص علشان اكتب تجربتي مع الأدوية المختلفة علشان أولاً وفقاً للي فهمته إلى الآن كل بروتوكول علاج بيعتمد على تحليل الباثولوجي للورم نفسه وبالتالي البروتوكول اللي دكتور عماد هيتناقش فيه معايا مش بالضرورة هيبقى نفس البروتوكول اللي واحدة تانية عندها سرطان ثدي هتاخده، وده كان شوية مربك ليا لما اتكلمت مع ستات كان عندهم سرطان ثدي وأنا مستنية دوري في المسح الذري، كلامهم كان أكن فيه بروتوكول واحد: كيماوي ثم جراحة ثم كيماوي أو إشعاعي أو الاثنين، فتصورت إني هعدي بنفس اللي عدوا بيه وده طلع مش صحيح ١٠٠٪. صديقة قالت لي إن لما مامتها عيت الدكاترة كانوا مصرين على الكيماوي ومش راضيين يقبلوا إن فيه أورام ثدي مش بتستجيب للعلاج الكيماوي ووبيفضلوا يدوه للعيانين. ثانياً كل جسم بيتفاعل بشكل مختلف مع الأدوية وبالتالي تجربة كل ست هتكون مختلفة بشكل ما أو بآخر، خصوصاً إن فيه عوامل أخرى بتساعد في تقليل حدة التجربة أو الآثار الجانبية ودي حاجات خاصة جداً. أنا شخصياً جنب الطريق التقليدي للطب باعمل حاجات جانبية مقتنعة إنها ممكن تساعد جسمي يبقى أحسن زي إني بطلت أكل كل منتجات اللحوم والألبان بعد ما قريت تأثيرهم على مرضى سرطان الثدي (هحاول اترجم للعربي فصل قريته من كتاب عن الموضوع ده وانشره)، وباخد علاجات من الطب البديل بتساعد على مستويات مختلفة. من القرايات اللي عملتها لحد دلوقتي فيه اتجاه حديث لعلاج السرطان بشكل كلي أو شامل – بمعنى إضافة طرق علاجية بديلة إلى جانب الطريق التقليدي للعلاج، سواء للتعامل مع الآثار الجانبية للعلاج أو لعلاج الأورام نفسه.

المقال منشور فى مدونة شغف

https://talkingpersonal.blogspot.com/2020/09/blog-post.html?m=1&fbclid=IwAR0hVzCSdM-znwiBajYAANEJ5J1uXoAJQnPRyA3zZQkvhcVuuUsiudv3Bxs

التغذية

مصادر باللغة العربية

مصادر باللغة الانجليزية

مركز سرطان تابع لجامعة كاليفورنيا فى سان فرانسيسكو به مكتبة تضم العديد من الابحاث العلمية عن السرطان والغذاء ومعايشة المرض والعلاج غير التقليدى المساعد

https://osher.ucsf.edu/patient-care/integrative-medicine-resources/cancer-and-nutrition

لمعلومات اكثر تفصيلا عن العلاجات المكملة باللغة الانجليزية

https://www.cancer.gov/about-cancer/treatment/cam

https://osher.ucsf.edu/patient-care/treatments/integrative-cancer-care

https://www.cancer.net/navigating-cancer-care/how-cancer-treated/integrative-medicine

تحذير

لا يجب أن يؤخذ بما ورد فى هذا الموقع على اساس أنه نصيحة طبية او علاج طبى. غرض هذا الموقع هو عرض معلومات فقط وليس هدفه التشخيص الطبى أو علاج أى مرض كان. المعلومات الواردة بهذا الموقع هدفها استكمال وليس استبدال العلاج الطبى الذى يوفره طبيبك. يتعين عليك/ى فى كل الاحوال اتباع الراى الطبى للطبيب المعالج. ويجب دائما أخذ راى الطبيب المعالج فيما يخص احتياجاتك الفردية وفيما يخص الاعراض التى يتوجب تشخيصها أو الحصول على الرعاية الطبية لعلاجها. لا يوجد فى هذا الموقع الذى ورد به الخبرات الشخصية للكاتبة واخرين ما يغنى عن او يستبدل التشخيص الطبى والعلاج الذى يوفره طبيبك المعالج.